سبع نجمات تضيء ذاكرة وطن

سبع نجمات تضيء ذاكرة وطن



 مهندسة شهد القاضي

في كل عام، في السادس عشر من نيسان، لا نحتفل بقطعة قماش تعلو السارية… بل نحتفل بتاريخٍ حيّ، ينبض في كل خفقة من خفقات العلم الأردني، وننحني احترامًا لرمزٍ يختزل ذاكرة وطن وهوية شعب.

العلم الأردني ليس مجرد ألوان تُنسج فوق قماش… إنه ملحمة صامتة تتحدث ببلاغة المواقف.. أحمره دمٌ أريق لأجل الكرامة، أسوده صلابة الراية التي لم تنكسر رغم العواصف، أخضره أرضٌ تنبت الحب كما تنبت الزعتر، وأبيضه نية صافية في قلب كل أردني، يحب وطنه بلا شروط، ويؤمن بأن الكرامة لا تُشترى.


أما نجمته البيضاء السباعية، فليست للزينة، بل رمزٌ عميق لمعاني سامية.

فهي تشير إلى سورة الفاتحة، "السبع المثاني" التي تفتتح بها كل صلاة،

وترمز كذلك إلى المبادئ السبعة التي بُني عليها هذا الوطن:

الوحدة، الحرية، الكرامة، العدالة، الشرف، النخوة، والإخلاص.


في هذا اليوم، تتجدد الحكاية… حكايةُ شعبٍ آمن بأن الانتماء ليس شعارًا، بل فعل.. أن تكون أردنيًا يعني أن تحمل علمك في قلبك قبل أن ترفعه بيدك. يعني أن تحفظ معانيه، لا ألوانه فقط.. أن تتذكر أن كل رفّة من رفّاته كانت يومًا رسالة: “نحن هنا، رغم كل شيء… باقون”.

علمنا ليس رمزًا سياسيًا فقط، بل ذاكرة من خيوط الحب والحرب… هو العَلم الذي لفَّ أجساد الشهداء، الذي زُرِع في باحات المدارس منذ الطفولة، الذي زُفَّ في الأعراس، وارتفعت له الأهازيج في الأفراح، وغُسِلت له الدموع في الأزمات.

وفي يوم العلم… نقف أمامه كما نقف أمام مرآةٍ كاشفة.. نراجع أنفسنا: هل نحن على قدر قَسمنا الذي قطعناه ونحن صغار؟ هل ما زلنا نحمل مسؤولية “أن نكون”، كما يليق بأحفاد من صنعوا المجد؟

يوم العلم هو تذكير… بأن الأردن ليس مساحةً على الخريطة، بل كيانٌ نعيشه في تفاصيلنا اليومية، في لهجتنا، في ملابسنا، في قهوتنا، في طريقتنا بالسلام… في الطريقة التي نقول فيها: "الله… الوطن… الملك".

وفي الختام… يا علمي، يا من لُفَّ حول أعناق الشهداء، وزُرع في طوابير الصباح، وحُمِل على أكتاف الأحلام في كل عيد…

ابقَ عاليًا كما المجد، ممتدًا كما الأفق، نقيًا كما قلب هذا الوطن.


إرسال تعليق

أحدث أقدم

Recent in Technology