واقع الشراكة المجتمعية بين البلديات في المملكة الأردنية الهاشمية ومؤسسات المجتمع المحلي
بقلم جمال بطاينة:
تعتبر مؤسسات المجتمع المدني بكافة فئاتها عنصرا أساسيا من ثقافة المجتمع الاردني، حيث بقي وجودها ينسجم مع الواقع و يتناغم مع ما يستجد من معطيات و أحداث، تمكنت من وضع بصمة حقيقية في تلبية احتياجات المجتمع الاردني وخصوصيته، وحافظت على وجدوها بشيء من الثبات، الا أن فاعلية بقائها مع عجزها المالي يبقى رهينة مقامرة حقيقية مع المستقبل.
و في ظل التطور المعرفي المستمر والتنمية الشاملة أصبحت التنمية المهنية والشراكة المجتمعية هدف أساسي من أهداف المملكة الاردنية الهاشمية، مما يزيد من سقف نظرة المجتمع وتطلعاته نحوالعملية التعليمية، كونها أحد أهم صناعة المعرفة، والمحرك الأساسي لصور التنمية الشاملة.وشكلت التطورات العلمية والثقافية والتقنية في مجملها تحديات فرضت واقعاً جديداً،فأصبحت المدرسة ومؤسسات المجتمع المختلفة ليست مؤسسات منفصلة عن بعضها البعض، بل ذات علاقة تفاعلية متداخلة، يؤثر كل منها في الآخر ويتأثر به، وهذا التأثير يستوجب بناء شراكة فاعلة وقوية فما بينها، كي يقوي كل منها الآخر.
فمعظم وزارات التربية والتعليم بدول عدة ادركت أن الشراكة المدرسية مع المجتمع المحلي تعد من أهم الاستراتيجيات في تطوير المنظومة التعليمية، التي لها عظيم الأثر في تجويد التعليم ، والتعلم، والمحافظة على القيم والعادات والتقاليد المجتمعية، والمشاركة في تنمية المجتمع ونشر الوعي الثقافي والتربوي.
ولعل أهمية زيادة الوعي المجتمعي العام فيما يتعلق بعمل مؤسسات المجتمع المدني وتفعيل أطر التشاركية المجتمعية قد يسهم في تعزيز كفاءة سياسات التنمية، الأمر الذي يقود بالمحصلة النهائية إلى تعزيز الدور المجتمعي للفئات المختلفة من الشعب فيما يتعلق بالسياسات التنموية وما يرتبط بها وينتج عنها من مشاريع تنموية يتم تنفيذها على أرض الواقع، في حين انخفاض الوعي المجتمعي يؤدي بطبيعة الحال إلى حدوث حالة من النقد لبعض السياسات التنموية والمشاريع المرتبطة بها بعد التنفيذ، وهو ما يعكس ضرورة تفعيل مستويات التشاركية المجتمعية قبل وأثناء وبعد رسم السياسات التنموية بين أجهزة الدولة المعنية منجهة، والفئات المختلفة من الشعب من جهة أخرى.
ومن واقع التجربة البلدية لمنطقة غرب اربد في تنفيذ التشاركية المجتمعية سعيا إلى التحسين المستمر في السياسات التنموية في المنطقة، وتماشيا مع متطلبات العصر الحديث فيما يتعلق بالتوجه نحو سياسات تنموية أكثر فاعلية ونجاحا واستدامة، فإننا نجد تقدما ملحوظا في تفعيل الشراكة المجتمعية في الخطط التنموية والتحديثية التي تقوم بها البلدية.
ان الشراكة المجتمعية موجودة في المملكة لكنها ليست واضحة، حيث ان بعضا من الوزارات تتبنى بعض المبادرات الاجتماعية التي تخدم المجتمع، كوزارة الثقافة و الشباب ، اضافة لوزارة الإدارة المحلية والبيئة التي تتبنى بعض المبادرات كعمليات التشجير والنظافة العامة للشوارع وغيرها من بعض المشاريع الأخرى، لكن تبقى العملية محدودة أي ليست معلنة كما في الدول الأوروبية، حيث بين ان الدول الاوروبية تعمل من خلال منظمات تساعد الأفراد والجماعات وتعمل على اشراكهم في العمل الاجتماعي، حيث تقوم تلك المنظمات سنويا بادراج برامج مجتمعية وتقوم بالاعلان عنها.
ختاما هناك مجموعة من المعوقات تحد دون تطبيق هذه الشراكة ومنها؛ محدودية الموارد المالية والبشرية في إدارة المشاريع بين البلديات والقطاع الخاص، وكذلك الأنظمة والتشريعات التي تحكم طبيعة الشراكة بين البلديات ومؤسسات المجتمع المحلي، صعوبات متعلقة بالبلدية نفسها من خلال البحث دائماً عن أفضل العروض التي تأتي بمردود مالي للبلديات دون النظر للجانب التنموي. غياب البرامج والخطط التي تؤدي إلي وجود قنوات عمل يمكن إتباعها لكي تتم عمليات التنسيق بينهما، ضعف الارتباط بين أهداف كل من البلديات والمؤسسات المجتمع المحلي الأخرى، وغياب أساليب وآليات التنسيق والتفعيل والتنظيم المركزي للعلاقة.
لذا يجب على الوزارات في المملكة الأردنية الهاشمية إيجاد سبل من أجل تعزيز التشاركية بين البلديات والمؤسسات في المجتمع المحلي، و العمل على تحديث القوانين والتشريعات التي تحكم العلاقة التشاركية بين البلديات والقطاعات المختلفة بحيث تتصف بالمرونة، وكذلك على البلديات البحث عن شراكة مع القطاع الخاص لإدارة أصولها و مشاريعها.a
إرسال تعليق